
أجلت محكمة جرائم النشر ، بمجمع محاكم الخرطوم شمال ،برئاسة القاضي مدثر الرشيد أجلت النظر في بلاغ جهاز الأمن ضد الكاتب الصحفي وأستاذ الإعلام بالجامعات السودانية ،الأستاذ فيصل محمد صالح، الي يوم 28 يوليو، بسبب غياب أحد أطراف البلاغ وهو رئيس تحرير صحيفة الأخبار التي نشرت عمود الاستاذ فيصل.العمود الذي طالب فيه بفتح تحقيق حول حادثة اغتصاب الفنانة التشكيلية صفية اسحق فبدلاُ من فتح التحقيق تم فتح بلاغ ضد فيصل وثماني صحفيين وصحفيات أخرين كتبوا حول هذه الحادثة. وفي القوت الذي تم فيه تأجيل بلاغ فيصل الي الشهر القادم، يمثل صباح اليوم الدكتور عمر القراي الكاتب الصحفي بصحيفة أجراس الحرية أمام ذات المحكمة في ذات القضية.وتمثل في نفس المحكمة يوم غد الخميس فاطمة غزالي الصحفية بصحيفة الجريدة والصحفي سعد الدين ابراهيم رئيس تحرير الصحيفة في نفس القضية ليواجها نفس الاتهامات.
النشر في قضية اغتصاب الفنانة التشكيلية صفية اسحق االتي ظهرت في مقطع فيديو علي اليوتيوب وقالت ان ثلاثة من افراد الأمن اعتقلوها واغتصبوها أصبح هاجساً بالنسبة للصحفيين والصحف في هذا البلد الذي يعاني من تدهور مريع في الحريات ،ويشهد قمعاً غير مسبوق لحرية التعبير والنشر والصحافة.وتقف جهات حكومية عديدة متفرجة علي هذا القمع بدون أن تحرك ساكناً.وكانت صحيفة أجراس الحرية قد قدمت سلسلة من الخطابات لمجلس الصحافة والمطبوعات بدون أن تجد رداًعلي أي من خطاباتها حول التعطيل المتعمد للصحيفة من قبل جهاز الأمن والمخابرات الوطني. وكانت قوة من شعبة الاعلام بجهاز الأمن واظبت في الحضور الي المطبعة التي تطيع اجراس االحرية وتقوم بحجز الصحيفة بالمطبعة ومنعها من التوزيع. ومنذ مطلع هذا العام قام جهاز الامن والمخابرات الوطني بتعطيل أجراس الحرية تسعة مرات في : (20 يناير - و31يناير - و8 مارس – و6 أبريل – و7 أبريل – و10 يونيو – و21 يونيو – و26 يونيو) وفي كل مرة تتم فيها مصادرة الصحيفة لاتبدي الأجهزة الأمنية التي تصادرها اي أسباب ، وتتم هذه المصادرة بصورة غير قانونية ولامسنودة الي دستور. ولا يمكن تفسير مثل هذه الممارسة إلا بمفتاح واحد وهو ان الأجهزة الأمنية التي تقوم بمنع الصحيفة من التوزيع بعد مصادرتها تريد ان تكبد الصحيفة خسائر مادية فادحة ، وتضطرها إلي إغلاق ابوابها او فتحها نحو مزادات بيع الضمير. ويجدر بنا ان نشير هنا الي ان تكلفة الخسائر التي تكبتدها اجراس الحرية في هذا العام فقط بلغت 88 مليون جنيه.لكنها مازالت صامدة.
ولم تكن أجراس الحرية وحدها في هذا المنحي ، فقد وقع هذا العسف من قبل علي جميع الصحف الناقدة، فالميدان تعرضت ومازالت تتعرض لمزيد من الضغوط والقيود ، فقد اعتقل جميع صحفييها وموظفيها في مطلع هذا العام في غارة أمنية علي مكاتب الصحيفة.وتم من قبل اغلاق صحيفة رأي الشعب ومصادرة ممتلكاتها. ويبدو انه الرعب من ممارسة حق التعبير.
مصادرة الصحف واغلاقها تتم بدون إبداء اسباب واضحة ، وبدون مسوغ قانوني، وفي جميع الحالات لم يكلف افراد الامن انفسهم عناء التوضيح للصحيفة وقراءها أسباب منع الصحيفة من التوزيع وحجزها بالمطبعة ، والتفسير الوحيد في حالة اجراس الحرية الأخيرة هي محاولة (الغتغتة) والتعتيم والتضليل الاعلامي لما يحدث في ولاية جنوب كردفان .
حجز الصحف بالمطابع ، ومنعها من التوزيع يمثل انتهاكاً صارخاً للحق في حرية النشر والتعبير وحرية إبداء الرأي،وهذه الحريات مكفولة في جميع المواثيق والعهود الدولية ،وأكد عليها الدستور الانتقالي لجمهورية السودان لسنة 2005م، ومعروف أيضاً ان السودان دولة طرف في العهد الدولي للحقوق المدنية واالسياسية ، والميثاق الافريقي لحقوق الانسان والشعوب وبموجب هاتين الوثيقتين الدوليتين تقع علي السودان التزامات دولية بحماية الحق في حرية الصحافة و النشر وحرية الرأي والتعبير.
والجدير بالذكر هنا ان النظام القانوني في السودان لايحمي حرية الصحافة والتعبير ولاتوجد ضمانات قانونية كافية لممارسة حرية التعبير،ويواجه ثمانية صحافيين حالياً في السودان اتهامات تتعلق بإشانة السمعة والنشر الضار.و(إشانة السمعة) اتهام فضفاض وبدون تعريف في القانون الجنائي السوداني.
وكانت محكمة جنايات الخرطوم شمال برئاسة القاضي مدثر الرشيد قد أرجأت اليوم 21 يونيو محاكمة الكاتب الصحفيين عبدالله الشيخ، والدكتور عمر القراي إلي التاسع والعشرين من يونيو الجاري. الشيخ هو رئيس تحرير اجراس الحرية السابق ، والقراي وهو كاتب مقال بصحيفة أجراس الحرية يواجهان اتهامات بالنشر الكاذب وإشانة السمعة بسبب بلاغ دونه ضدهما جهاز الأمن بسبب نشر الكاتب مقالاً انتقد فيه جهاز الامن عندما ظهرت الناشطة صفية إسحق في وسائل الاعلام في شهر مارس الماضي وقالت انها تعرضت للاعتقال والاغتصاب من قبل ثلاثة افراد من جهاز الامن ، ودعا القراي في مقاله الي فتح تحقيق حول القضية ،وبدلا من فتح التحقيق فتح الأمن بلاغاً ضد القراي ورئيس تحرير اجراس الحرية.. بينما يمثل في ذات المحكمة يوم28يوينو الجاري كاتب العمود بصحيفة الأخبار واستاذ الاعلام بالجامعات السودانية : فيصل محمد صالح حول ذات القضية، فيما تمثل الصحفية بصحيفة الجريدة : فاطمه غزالي والصحفي سعد الدين ابراهيم رئيس تحرير صحيفة الجريدة في ذات المحكمة الي يوم 26 يونيو الجاري .وفي هذا اليوم الثلاثاء 21 يونيو ايضاً، ارجأت محكمة جنايات الخرطوم وسط برئاسة القاضي عبدالمنعم سليم محمد علي ، محاكمة الصحفي بصحيفة (الصحافة)جعفرالسبكي الي يوم 12 يوليو القادم.
وكانت السلطات الأمنية قد اعتقلت السبكي يوم 3 نوفمبر 2010م، وظل طيلة السبعة أشهر الماضية في الحبس بدون أمر قضائي او توجيه تهمة، ودونت مؤخراً في مواجهته بلاغات تتعلق بتقويض النظام الدستوري، وهي تهمة تصل عقوبها الي الاعدام.
وكانت الصحفية امل هباني قد مثلت امام محكمة جنايات الخرطوم شمال يوم الخميس الماضي بتهمة اشانة السمعة وتمت تبرئتها من التهمة إلا انها تواجه بلاغات اخري بذات التهمة (اشانة السمعة). هباني تم فصلها من عملها بعد أن خضعت الصحيفة التي تعمل بها لضغوط أمنية.
وفي سياق متصل مثل امام محكمة جنايات الخرطوم شمال يوم الاربعاء 1 يونيو، الصحفي بصحيفة الجريدة :حسن اسحق وتم تأجيل النظر في قضيته إلي يوم 2 أغسطس القادم . حسن اسحق كان قد تم اعتقاله وتعذيبه بواسطة جهاز الأمن في يوم 8 أبريل الماضي . تم اعتقال حسن أثناء عمله حيث كان يقوم بتغطية ندوة أقامها حزب المؤتمر السوداني وفي أثناء الندوة كان الامن قد اعتقل جميع الحاضرين بما فيهم الصحفيين الذين يقومون بأداء عملهم . اعتقل حسن وتم احتجازه بأحدي مكاتب الأمن حيث تعرض للضرب والمعاملة القاسية من قبل معتقليه، ثم تم تحويله إلي قسم شرطة الخرطوم بحري حيث قضي ليله كاملة هنالك بمعزل عن العالم الخارجي ودون ان يبلغ ذويه او صحيفته.
وقامت جهات ومنظمات دولية اقليمية مهتمة بحرية التعبير وحرية الصحافة بإدانة هذا السلوك المتعسف ضد الصحفيين السودانيين. وأعلنت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان ادانتها لمصادرة أجراس الحرية من قبل جهاز الامن والمخابرات الوطني ـ كما أعلنت ادانتها للملاحقات القضائية التي يتعرض لها الصحفيون في االسودان ، وقال الشبكة العربية في بيان لها صدر مطلع هذا الاسبوع ان وضع حرية الصحافة في السودان اصبح مقلق للغاية ، ففضلاً عم المحاكمات التي اصبحت سيف يهدد الصحفيين مع كل حرف يكتبونه نجد ان جهاز الامن والمخابرات الوطني يتوجه للمطابع ليلاً وينتظر حتي تنتهي من طباعة الصحف ثم يقرر بعد ذلك منعها من التوزيع ممايكبد ادارات الصحف خسائر مادية كبيرة جداً تضاف لمعوقات العمل الصحفي الأحري التي تواجهها داخل االسودان.
ودعت الشبكة كافة المهتمين بحرية الصحافة في العالم بتسليط الضوء علي مايحدث من انتهاكات للحريات الصحفية بالسودان، وطالبت بتقديم المسئولين عن هذه الانتهاكات للمحاكمة والمحاسبة.
كما دعا المعهد الدولي الصحافة في بيان صحفي مطلع هذا لاسبوع ،دعا الحكومة السودانية الي التوقف عن مضايقات الصحفيين، والكف عن التضييق علي الصحف الناقدة .
الجدير بالذكر ان جهاز الامن هو الطرف الشاكي في جميع البلاغات الموجهه ضد الصحفيين الثمانية الذين يواجهون عقوبات مختلفة تترواح بين السجن والاعدام. غير ان هذا الجهاز الذي يشكو الصحفيين بتهمة اشانة السمعة هو في الاساس ذو سمعة سيئة ، وقد فقد عدد من النشطاء حياتهم داخل معتقلات الأمن بينما وثقت العديد من المنظمات الحقوقية حالات لاتحصي من التعذيب الوحشي داخل حراسات جهاز الأمن سئ السمعة الذي يقاضي الصحفيين حالياُ بتهمة اشانة السمعة.
يواجه الصحفيون في السودان العديد من اشكال الانتهاكات والقيود المفروضة علي حريتهم وحركتهم. وفي هذا العام فقط تم اعتقال اكثر من 30 صحفياً وصحفية في السودان أثناء القيام بواجبهم المهني. فإلي متي ياتري يستمر هذا القمع؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق