جريمة اغتيال الشهيد معتصم حامد أبو القاسم (أبو العاص) تعتبر بكل المقاييس نقلة (نوعية!!) للصراع داخل الجامعات السودانية وتحولها من ساحات وعي إلي ساحات وغي ومعارك وقتال ،أصبحت فيها مقارعة الحجة بالخنجر،والرأي بالسيخة والطوق.فالحادثة خططت لها ودبرتها ونفذتها عقول من خارج سور الجامعة بل وتورط في في الجريمة – حسب إفادات الشهود، واعترافات المتهمين أنفسهم أمام المحكمة – مسئولين في قطاع طلاب المؤتمر الوطني بولاية الجزيرة .وقد اعترفت قيادة المؤتمر الوطني بأن القاتل ينتمي حزبهم. والأكثر مرارة ان القاتل (ساتي محمد محجوب/32سنة) بعد أن أكمل تنفيذ جريمته تم إيواءه والتستر عليه داخل دار حزب المؤتمر الوطني بالحصاحيصا وهناك أخفي أداة جريمته البشعة ،ومن هناك تم تهريبه الي كسلا بواسطة عربات حكومية تتبع لجهات نافذة في الدولة.
المجرمون الثلاثة الذين أدانتهم المحكمة تفوق أعمارهم الثلاثين عاماً ،وينتمون جميعهم إلي حزب المؤتمر الوطني ،اثنان منهم موظفين بقطاع طلابه والآخر سائق عربة حكومية ماركة جياد تتبع لحكومة الولاية؛والمتهم الرابع الذي برأته المحكمة أيضا موظف في قطاع طلاب المؤتمر الوطني .. وهناك خمسة عشر متهماً ضالعين في الجريمة سواءً بالتستر أو الإيواء أو الاشتراك أو التنفيذ أو التحريض وردت أسماءهم ضمن يومية التحري و لم يتم القبض عليهم إلي الآن من بينهم حرس جامعي ! وموظفين تابعين لقوات نظامية وأجهزة سلطة وقليلهم طلاب ! وهذا ما يجعلنا نتفق مع الجبهة الديمقراطية فيما ذهبت إليه بقولها إن معركتها ليست مع الطلاب بل مع النظام ،وهذا ما يجعلنا نقول بملء الفم إن هذه الدولة دولة غير مسئولة ولا تعرف الاحترام ؛ فكيف تضع إمكاناتها وعتادها ومالها تحت تصرف صبية لا يهمهم إزهاق أرواح الأبرياء؟ ، وهذا صنف من صنوف الفساد المستشري في مفاصل الدولة وواجبنا جميعاً الوقوف ضده ومحاربته بعنف وصلابة.وفي يقيني يمكن لحركة الطلبة أن تقف في وجهه لكنها تحتاج إلي اصطفاف كل القوي الديمقراطية والمحبة للسلام إلي جانبها.
وهذا ما يجعلنا ننتقد بضراوة دولة الحزب الواحد.
الطعنة في جسد أبي العاص النحيل الذي لم يكمل العشرين ربيعاً بعد، كانت طعنة في خاصرة القضاء العادل والنزيه وطعنة في قلب استقلال القضاء، وقد كشفت محاكمة قاتلي ابو العاص ذلك وبجلاء.
إن ما أسفرت عنه محاكمة المجرمين التي تمت الأسبوع الماضي زادت الغصة في الحلوق والغبن في القلوب، وجعلتنا نتيقن بان النظام القضائي والعدلي في السودان يتدحرج صوب هوة سحيقة لا تنتشله منها إلا يد العدالة الدولية.
ما نقوله أخيراً ؛ وبلا مزيد من الأسى:
* يجب إنصاف أولياء دم الشهيد أبو العاص بالقصاص، فطالما توفرت كافة الأدلة ودعمها تقرير الطبيب الشرعي واعتراف القاتل والحيثيات جميعها انصبت كلها في اتجاه إن الجاني كان يعلم أن الموت نتيجة حتمية لفعله ،وهذا ما يضعه تحت طائلة المادة 130 القتل العمد وهو ما يجب أن يعاقب عليه بالقصاص ولا سواه.
* يجب تقديم كل من اشترك في هذه الجريمة - سواءً بالتستر أو الإيواء أو دفع الأموال للمجرمين أو إصدار التعليمات والأوامر – إلي قضاء عادل ونزيه ومستقل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق